"الإيكونوميست": الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل صناعة الإعلانات في عصر ما بعد التلفزيون
"الإيكونوميست": الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل صناعة الإعلانات في عصر ما بعد التلفزيون
انطلقت فعاليات مهرجان كان الدولي للإبداع يوم 16 يونيو وسط أجواء احتفالية، في حين يُخيم التوتر على أوساط مسؤولي صناعة الإعلان بسبب التحولات الجذرية التي يُحدثها الذكاء الاصطناعي في القطاع.
ووفقاً لتقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست" ،السبت، شهد الحفل تكريمًا لحملات تسويقية متنوعة، شملت منتجات كالبيرة والشوكولاتة، إلا أن النقاش الحقيقي دار حول مستقبل الإعلان في ظل الأتمتة المتزايدة.
أطلق رئيس شركة "ميتا" مارك زوكربيرغ تصريحات مثيرة، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي سيُمكّن العلامات التجارية من تحديد أهدافها وميزانياتها، لتتولى الخوارزميات الباقي.
من جانبه، توقع الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن أيه أي"، سام ألتمان، أن يُدار 95٪ من أعمال وكالات الإعلان الحالية بوساطة الذكاء الاصطناعي دون كلفة تُذكر.
الذكاء الاصطناعي يُعيد رسم خريطة السوق
شهدت صناعة الإعلان تحولات كبيرة منذ بداية القرن، إذ انتقلت الميزانيات من التلفزيون والصحف إلى المنصات الرقمية كـ"جوجل" و"ميتا"، ومع دخول الذكاء الاصطناعي المجال الإبداعي، تُوشك الثورة الآتية على الانفجار.
توقعت شركة "دبليو بي بي ميديا" نموًا سنويًا بنسبة 6٪ في الإنفاق العالمي على الإعلانات خلال السنوات الثلاث المقبلة، إلا أن هذا النمو يُتركز بشكل متزايد لدى الشركات التقنية الكبرى.
استحوذت أربع شركات فقط -"جوجل، ميتا، بايت دانس، وأمازون"- على أكثر من نصف الإنفاق العالمي على الإعلانات عام 2023، مقابل ثلث السوق فقط عام 2019، أقامت هذه الشركات منصات عرض ضخمة على شواطئ كان، مؤكدة موقعها المهيمن على السوق.
تطور أدوات الذكاء الاصطناعي
طوّرت الشركات تقنيات ذكاء اصطناعي تُمكّنها من تحسين استهداف الإعلانات بدقة متناهية، تدّعي ميتا أن نظام "أدفانتج بلس" يزيد من عائد الاستثمار بنسبة 22٪، في حين يؤكد "بيرفورمانس ماكس" من جوجل أنه يرفع المبيعات بأكثر من 10٪، وقد بدأت الأخيرة في اختبار واجهات إعلانية ضمن محركها المدعوم بالذكاء الاصطناعي، ما يسمح بفهم أعمق لدوافع المستهلكين.
أوضح رئيس "جوجل" للأمريكتين، شون داوني، أن الذكاء الاصطناعي يحمل أعظم قدرة على تحسين أداء الأعمال منذ عقدين، كما تبنّت شركات مثل "ألمبيك" خوارزميات مشتقة من تتبع فيروس كورونا لقياس أثر الإعلانات بشكل أكثر دقة، وبيّنت أن رعاية دلتا لطيران الألعاب الأولمبية حققت أفضل عائد على الاستثمار مقارنة ببرامجها الترويجية الأخرى.
تحول الإبداع من البشر إلى الآلات
أطلقت منصات مثل "تيك توك" و"ميتا"، أدوات جديدة لإنشاء إعلانات مرئية اعتمادًا على النصوص والصور، في حين بثّت شركة "كالشي" إعلانًا تلفزيونيًا كاملاً باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي خلال يومين فقط، وبتكلفة 2000 دولار.
رغم هذه القفزات، شدد مسؤولو الإعلان على أن أدوات الذكاء الاصطناعي، المصممة لإنتاج محتوى "مُتوقّع"، لا تملك البراعة الإبداعية اللازمة لإبهار الجماهير.
وأشاروا إلى أن خدمات "اصنعها بنفسك" تستهدف الشركات الصغيرة، في حين تظل العلامات الكبرى بحاجة إلى وكالات الإعلان.
مواجهة التحديات
اتجهت بعض الوكالات إلى اعتماد نظام رسوم ثابتة بدلًا عن الفوترة بالساعة لحماية إيراداتها من تقليص ساعات العمل بفعل الأتمتة، وذكرت مديرة تسويق بإحدى العلامات التجارية أنها تُعيد استثمار الأموال المُوفّرة في شراء مزيد من الإعلانات.
ورغم هذه المحاولات، لم يقتنع المستثمرون، وشهدت أسعار أسهم أربع من أكبر خمس شركات قابضة تراجعًا منذ بداية 2023.
تسعى "دبليو بي بي" لتعيين رئيس تنفيذي جديد، في حين تعتزم "أومنكوم" و"إنتربوبليك" الاندماج لتوفير التكاليف، وحدها "بوبليسيس" تجنبت الهبوط من خلال تسويق استثماراتها في الذكاء الاصطناعي.
الإعلانات التي تستهدف الروبوتات
مع تغير طبيعة البحث والتحليل عبر الإنترنت، أصبح لزامًا على المُعلنين إقناع نماذج اللغة الكبيرة مثل "شات جي بي تى" و"جيميني" بالتوصية بعلاماتهم التجارية، بدأت شركات مثل "إيفرتيون" باختبار مكانة العلامات التجارية عبر آلاف استفسارات الروبوتات.
كشف رئيس الشركة برايان ستيمبك أن بناء قاعدة رقمية مخلصة وعلاقات عامة فعالة هو المفتاح للتأثير في توصيات الذكاء الاصطناعي، وأشار إلى أن هذه النماذج تفضّل التفاصيل الدقيقة وتُفضل النصوص الطويلة، حتى لو كانت مملة للبشر.
وكيل الشراء الآلي قادم
تعتزم شركات التقنية تطوير وكلاء شراء مدعّمين بالذكاء الاصطناعي يتولون اتخاذ قرارات نيابة عن البشر، عرضت "جوجل" أخيرًا نموذجًا يُنبّه المستخدم عند انخفاض سعر منتج محدد، ويُتوقع أن يُمنح هؤلاء الوكلاء قريبًا سلطة الشراء الكاملة.
تُناقش الشركات المُعلِنة بالفعل تسعيرة الإعلانات المُشاهدة من قِبل وكلاء آليين مقارنة بالبشر، وفي مستقبل تكتمل فيه دورة الإعلان من التصميم إلى المشاهدة عبر الذكاء الاصطناعي، يُنصح المُعلِنون في كان بالاستمتاع بالحفلات طالما أنها لا تزال من تنظيم البشر.